علمتنى أمى أولا ثم الحياة ثانيا أن ألغى من قاموس حياتى كلمة "منـــتهى" ... بمعنى ...ألا يتضمن سلوكى الاجتماعى اليومى مفهوم "منتهى الحب"..... "منتهى الكره"..... منتهى الثقة" ... "منتهى الصدق" ......
لأنه كما تقول أمى وكما علمتنى الحياة ... أنه لا يوجد على وجه الأرض "منتهى الحب" ...لابد من وجود شائبة أو عيب يشوب هذا الحب ... أو ربما لأننا نحب فاننا نرى المحبوب عظيما جميلا عطوفا رقيقا أمينا شكورا حنونا صدوقا ... ونرغم عقولنا وأعيننا ألا تراه كاذبا أحيانا ... أنانيا أحيان أخرى... قاسيا ... - وأحيان أخرى كما تقول أمى يكون حب غير خالص لوجه الله ...بمعنى أن يكون وراءه هدف أو غرض معين ..... فتكون النتيجة = صدمة مدوية تزلزل أحشائى وتشل تفكيرى ... فعلمتنى أمى أنه لا يوجد ما يسمى "منتهى الحب"..
علمتنى أمى أيضا أنه لا وجود لمصطلح "منتهى الثقة" ... مهما كانت قرابة هذا الشخص أو معرفتى به .... مهما سمعت ورأيت ولمست بأم عينى من سمو الأخلاق وجميل الصفات......فيجب ألا أثق به "منتهى الثقة"....!!!!!!! أحيانا أذهب اليها تسبقنى فرحتى راقصة مهللة أننى قابلت اليوم فلان ... يااااااااااااااااااااااااه .... لقد فعل كذا... وقال كذا ... ولم يتوانى عن الدفاع عن كذا... فأجدها تسرع خلف أمنياتى الجامحة تحاول ترويضها وكبح زمامها ...قائلة : (متثقيش فى حد كدة ... خدى بالك...... ) وتمر الأيام ويأتى اليوم الذى أرى فيه كلام أمى حقيقة واقعة عندما أرى الوجه الآخر لهذا الشخص وأشعر أن ثقتى به كانت بلاهة وغباء... الدافع فيه كان الرغبة فى ايجاد شخص صادق أمين... والمحرك الأول فطرتى التى لم أتخلص منها بعد ...
علمتنى أمى والحياة معا ..... ألا أوصد الباب تماما فى وجه من "أكـــره" ... فلا يجب أن يحمل قلبى "منتهى الكره" لأحد .... لأنه ربما -كما تقول أمى- ربما يحمل هذا الشخص صفة جميلة تختبىء وراء سماجته وكذبه وغروره على سبيل المثال .... أو ربما يأتى اليوم الذى أحتاج فيه لهذا الشخص ... أو تضعنى الظروف فى موقف أضطر فيه للتواجد معه فى مكان واحد .... فكيف ولماذا أكرهه "منتهى الكره".... ولكننى وجدت نفسى لم تنجح كليا فى تنفيذ نصيحة أمى هذه .... لأنه عندما تكون الصفات السيئة تمثل 95% من هذا الشخص فان التعامل معه يصبح دربا من المستحيل ... بجانب أنه يندرج تحت بند "نفـــاق" وأنا أمقت هذه الصفة شديد المقت...
عندما جمعت كل "المنتهيات" -اذا صح التعبير- فى حياتى منتهى الحب ... ومنتهى الأمان ... ومنتهى الثقة ... الخ....ووجدت أنهم جميعا سقطوا من حساباتى... شعرت أننى خائفة ... نعم أنا خائفة... عندما يتحول سطح الكرة الأرضية الى صحراء جرداء لا نجد فيها من لا نشعر معه بكلمة "منتهى" يليها الأمان ..والحب..والثقة...والطمأنينة .... والصدق...... فأين الحياة اذن... وما جدواها ؟؟؟؟!!!!!!
أصبح الخوف + الشك هما العنوان والمحرك الرئيسى لسلوكياتى اليومية ... لم أعد أصدق أو أئتمن أى شخص بسهولة .... وطالما أجتمع الخوف والشك فى بؤرة واحدة فمن الضرورى بل من المؤكد أن تختفى "منـتهى" ...